نسخة الجوالة | النسخة الأصلية
JoomlArt.ir JoomlArt.ir JoomlArt.ir
 

مقدمة المؤلف PDF طباعة أرسل إلى صديق
آل الكرباسي - مقدمات تمهيدية
الثلاثاء, 05 نيسان/أبريل 2011 12:24

حمداً جمـيلا وشكراً جزيلاً لله الواحد الأحد، الذي تنزه وبرئ حرمُ عـزِّه وجلاله من ألفةِ الذريّة والحليلة، ونسب الأقارب والآل. وثناءً لا حدّ له على الخالق الذي زيّن بني آدم بحلية {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}(١)، ومنّ على البشر بكساء (٢).

وصلواتٍ لا متناهيات على النبي المحمود، محمد بن عبد الله، وعلى آله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين الى قيام يوم الدين.

وبعد؛ فيقول العبد الفقير الحقير الضعيف المقصِّر من أمّ رأسه الى أخمص قدميْه، «محمد بن أبي تراب (علي) بن محمد جعفر بن محمد ابراهيم الكرباسي الحائري»: إنني عزمتُ منذ مدة على أن أُؤلِّفَ ترجمة وسيرة ذاتية لعلماء آل الكرباسي، لكن معوّقات الزمن وتصاريف الدّهر حالت دون ذلك، حتى حلول عام 1374 هـ ( 1954م = 1333 ش). عندما تشرّف جمع من أولي الأرحام القادمين من طهران وإصفهان بزيارة العتبات المقدسة في العراق(٣).

وحينما حلّوا بكربلاء بغية زيارة خامس أهل الكساء الإمام الحسين(ع)، احتفيت بهم وزرتهم، مصداقاً للحديث الشريف القائل: «مَن زار زائرنا كمن زارنا»(٤)، فبادلوني الزيارة في بيتي، وبعد الترحيب وتجاذب أطراف الحديث، اتّضح لي أنهم أرحام لصيقون لبعضهم البعض، لكن أحداً منهم لا يعرف الآخر، مثلما قال الشاعر الفارسي ما ترجمته (من بحر المنسرد):

أليس الجهل بالأشيا ذا معيبٌ

فصوّرتَ الذي بالقربى غريبا

وما تدري بأنّ الداني حبيبٌ

ولكن خِلْتَ قِرْداً عمّاً نَسيبا

عرَّفْتُ بعضهم على بعض، فاتضح أنهم أبناء عمومة! مما تأثرت وأسِفْتُ لذلك كثيراً، واعترضت عليهم ـ على العموم ـ بسبب تركهم وتناسيهم وصايا النبي الأكرم(ص) حول صلة الرحم، مع أن ثمّة في القرآن الكريم والأخبار المتواترة عن الأئمة المعصومين(ع) تأكيد كبير على صلة الرحم التي اعتُـبرت عقلاً وشرعاً من الواجبات، ومن أفضل الطاعات وأعظم القُربات كما قال تعالى:(٥) وقال سبحانه في محلٍّ آخر: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ}(6). وقال عزّ من قائل أيضاً: {لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى}(7). وقال جلّ اسمه أيضا في موضع آخر: (8). وقد روي عن الإمام أبي عبد الله الصادق(ع) قوله: «إن صلة الرحم تهوّن الحساب يوم القيامة، وهي منسأة في العمر، وتقي مصارع السوء»(9). وورد في حديث آخر عن الرسول(ص) أن: «مَن سرّه النسأ في الأجل والزيادة في الرزق فليصل رحمه»(10)، وأمثال هذه الآيات والأحاديث كثيرة.

ولما كانت «صلة الرَّحم» فرعاً من معرفة «الرَّحم»، لذلك فقد رأيت أن أُعمِّـمَ ما نَويتُ أن أُؤلِّفهُ بادئ الرأي، فأكتب شرحاً يكون بمثـابة شجرة للعائلة «الكرباسية»، ويتضمن فيما يتضمن، شرحاً لِسِـيَرِ علمائها وأعيانها بشكل عام، وتبياناً لطبقات آل الكرباسي وذِكْراً لآبائهم وأجدادهم، وصولاً الى جدِّنا الأعلى المرحوم الشيخ محمد ابراهيم ابن الشيخ محمد حسن الكرباسي ـ أعلى الله مقامهما الشريف ـ.

ولما كان مثل هذا الكتاب خاصاً بفئة خاصة من الناس نوعاً ما، لذلك فقد رأيت أن أوسِّعه أكثر ليكون نافعاً لعموم المؤمنين، عبر إيراد العديد من الآيات والأحاديث والأخبار الواردة عن النبي(ص) وأئمة الهدى(ع) في باب «صِلة الرَّحم»، بهدف إحياء هذا الشأن الديني والأخلاقي والاجتماعي العظيم، الذي يوشك على التلاشي والاضمحلال في أيامنا هذه. وقد عنونتُ الكتاب بعنوان «آل الكرباسي» وبوّبته بثلاثة أبواب:

الباب الأول: في بيان وتحقيق معنى الرَّحِمْ، وفي حكم صلة الرَّحم وقطعها.

الباب الثاني: في بيان الآيـات والأحاديث الواردة في صلة الرحم وفضيلتها، وقطع الرحم وعقوبته.

الباب الثالث: في بيان الهدف الأصلي من وراء تأليف هذا الكتاب ـ وهو بيان لطبقات آل الكرباسي ـ


(١) سورة الحجرات، الآية: 13.

(٢) سورة الأنفال، الآية: 75.

(٣) أتذكر الموقف تماماً، حيث كنت بخدمة المرحوم الوالد قدس سره، عندما استقبل في ليلة النصف من شعبان في السبعينات الهجرية، كل من الحاج عباس بن محمد تقي الكرباسي الطهراني (1381 هـ)، والحاج عباس بن اسماعيل الكرباسي البغدادي (1384 هـ)، وقد كان الأول صاحب مكتب للتأمين في (سبزه ميدان) بطهران، والثاني صاحب مكتب تجاري في خان دلّة في سـوق الشورجه ببغداد، وجرى الحديـث بينهما على مائدة الطعام في غرفة الاستقبال ببيتنا الكائن بزقاق أبو دَيَّـة، المتـفرّع من شارع السدرة، بمحلة باب السلالمة بكربلاء المقدسة ـ نجل المؤلف.

(٤) ورد بمضمون ذلك بعض الأحاديث في باب الزيارات لمراقد أهل البيت (ع).

(٥) سورة النساء، الآية: 1.

(٦) سورة الرعد، الآية: 21.

(٧) سورة البقرة، الآية: 83.

(٨) سورة الأنفال، الآية: 75.

(٩) بحار الأنوار: 71/104، ح: 64.

(١٠) بحار الأنوار: 71/122، ح: 84.


 
 
JoomlArt.ir JoomlArt.ir JoomlArt.ir

أنت هنا

Home مواليد والوفيات مقدمة المؤلف