نسخة الجوالة | النسخة الأصلية
JoomlArt.ir JoomlArt.ir JoomlArt.ir
 
خطأ
  • JUser::_load: Unable to load user with id: 65


مكتبة آل الكرباسي

الباقة الوردية
في الموسوعة الحسين
PDF طباعة
Book cover الباقة الوردية
Pages: 72
Price: £7.99
ISBN: 978-1908286017
المكتبة: مكتبة الإمام الحسين الخاصة - لندن
Location name: بيت العلم للنابهين، بيروت - لبنان
السنة: 2011
Link:
Visits: 950
User rating:  / 0
PoorBest 
Review
الكاتب:

وللقاهرة المحروسة زحف ملیونی

لا مشاحة أن الوصف شعرا أبلغ منه نثرا إلا ما قل وندر، وإن کانت الألفاظ المستخدمة واحدة أو متقاربة، فالنفس بطبیعتها میالة إلى استحسان الشعر وتذوقه فأعذب الکلام ما کان أشعره، وهو الأرکز على الحفظ والبقاء، ویتصف بالخیریة من الکلام کما ورد عن الإمام الحسن بن علی(ع) (خیر الکلام ما قلّ ودل ولم یطل فیمل) بخاصة إذا جاء مرصعا بالقافیة والوزن وجزیل المفردات فهو الأقرب نفاذا إلى قلب المتلقی والأثقل وزنا فی میزان الکلام.

ویتوزع الوصف على مشارب کثیرة بعدد أغراض الحیاة ومصادیقها، وتزداد ألوان الأوصاف فی جانبه النثری، وتقل فی جانبه النظمی، أو بالأحرى یکثف فیه وصف الحبیب وکل ما یمت به صلة من قریب أو بعید ولاسیما أـطلاله، ولکل شاعر بیئته الوصفیة، فالبدوی له شواهده الوصفیة ومسمیاتها تختلف عن الشاعر القروی، وهما یختلفان عن الشاعر المدینی، فالبدوی یصف من الأطلال بقایا الرماد ومخلفات البعران والجمال، والقروی یصف الجدران المنهدة، وشاعر المدینة یظل یتردد على دار الحبیبة یسرق نظرة من لحاظها عبر النافذة أو شقِّ الباب أو بسمة من ثغرها تکشفها ریح عبثت بعباءتها.

والوصف من الأغراض الشعریة الأکثر شیوعاً حیث یعتمده الشاعر فی إخراج مکنون أحاسیسه ومشاعره تجاه الموصوف، وبیان منطقه الشعری فی إزجاء أدق سحب الألفاظ وأرقها حتى تنهمر قطرات الوصف فی البلدة الصماء فتثمر جمالاً تعجب الزراع والنظّار معاً، وإذا کان الموصوف شخصیة کالإمام الحسین(ع) غرَّد طیره على نافذة کل حر ومقهور، أو موسوعة یتیمة دهرها کدائرة المعارف الحسینیة، أو قلما سیالاً متنوع الأبواب کقلم الموسوعی المبدع الشیخ محمد صادق الکرباسی، فلاشک أن الوصف سیخجل من بیان کامل معالم الموصوف، فالکلمات ترقص ثملة لا تقوى أجنحتها على تناوش المحبوب، وقد أبدع الشاعر والخطیب العراقی الشیخ صادق جعفر الهلالی فی تناول الموسوعة الحسینیة وصفا فی جوانب کثیرة من کوّة النهضة الحسینیة، فی دیوانه الجدید الصادر حدیثا (2011م) عن بیت العلم للنابهین فی بیروت فی 72 صفحة من القطع المتوسط.

حیاة النفوس

لیس کل موت زوالا وفناءً ولیس کل حیاة بقاءً وهناءً، فبعض الموت حیاة وکثیر من الحیاة موت، فالأحیاء فی عالم الدنیا هم من الکثرة یصعب عدّهم، وکذا الأموات من الأمم السابقة والحقب الماضیة، لکن الأسماء الشاخصة فی عالم الحیاة من الأموات والأحیاء هم قلة قلیلة لأن فعلهم لا یقدر علیه إلا قلة ولذلک فإن القلة فی عالم عمل الخیر هم من یُشار إلیهم ببنان المدح والثناء، ومن هنا کان النبی إبراهیم (ع) مضرب الأمثال فی الأممیة القائمة على الواحدیة الفاعلة (إِنَّ إِبْرَاهِیمَ کَانَ أُمَّةً) سورة النحل: 120، لأن فعله عظیم فیه إحیاء للأمة، فمن أحیا نفساً واحدة فکأنما أحیا الناس جمیعا، فکیف وقد أحیا عالم البشریة، فهو عظیم وإن رحل جسداُ، فما یبقى من العظیم اسمه وإن عفی رمسه، فقتل النفس هو قتل للبشریة وإحیاء النفس هو إحیاءٌ للبشریة وهذا ما عبر عنه القرآن: (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَیْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِی الأَرْضِ فَکَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِیعاً وَمَنْ أَحْیَاهَا فَکَأَنَّمَا أَحْیَا النَّاسَ جَمِیعاً) سورة النحل: 32.

من هنا تمثل التضحیة بالنفس أعظم التضحیات فی سبیل إحیاء الآخر، ولذلک یُعد موت العظیم وتضحیته احیاءً للناس ویبقى اسمه على الألسنة فقیمه النیرة التی استشهد من أجلها تظل ساریة المفعول تؤتی أکلها کل حین، ولا تضحیة أعظم من تضحیة الإمام الحسین(ع) الذی ترفل الأمة الإسلامیة ومنذ أربعة عشر قرناً بنعیم شهادته، حیث أقام الإعوجاج الذی حلَّ بدین الإسلام، ولهذا یعتبر الشاعر الهلالی فی قصیدته الکافیة أنَّ شهادة الإمام الحسین(ع) حیاة للدین والبشریة، کما فی قصیدته الکافیة المعنونة "الصادقُ موسوعیُّ الحرک" فی 20 بیتاً من بحر الرَّمَل، حیث یقول فی مطلعها:

أعذبُ الشعر بما کان سَلَکْ *** منهجاً فیه هوى السبط مَلَکْ

ثم یصل الشاهد وهو فی معرض تعظیم دائرة المعارف الحسینیة:

یا لها من تحفةٍ کرَّمها *** خیرُ سبطٍ کان بالطف ملکْ

کیف لا یحیا وقد أحیى لنا *** دینَ طه واستقام المعترکْ

وکأنی بالشاعر والخطیب الهلالی المولود فی مدینة النجف الأشرف عام 1951م یستوحی معناه من البیت (23) من قصیدة فی (62) بیتاً بعنوان "بیضة الإسلام" للشاعر العراقی الشیخ محسن أبو الحب الکبیر المتوفى عام 1887م وهو ینطق عن لسان الإمام الحسین(ع):

إن کان دین محمد لم یستقم *** إلا بقتلی یا سیوف خذینی

وهی من بحر الکامل الثانی ومطلعها:

إن کنتِ مشفقةً علیَّ دعینی *** مازال لومُک فی الهوى یغرینی

فالحیاة الحقیقیة ما کان فیها سُمُوُّ القیم وعلُوُّها، فإماتة البدعة بعثٌ للأمة کما أن إحیاء البدعة ممات للأمة وإن صعد فی صدرها نَفَسٌ أو نزل، وهکذا کان الإمام الحسین(ع) فی نهضته وهکذا یکون من یتمسح على أعتابه ویهتدی بهداه ویسلک مسلکه.

النصر المبین

قد یکون الحب مقارباً للولاء من حیثُ المؤدى، ولکن الثانی مقدم على الأول رتبةً وعاقبةً من حیثُ التجسیدُ الفعلیُّ، فحب الخیر غیر فعله وتمثیله فی الواقع المعاش وإن کان الحب بذاته حسنة، ومنتهى الحب الفعلی للخیر هو الولاء واتباع أهله، فهو النجاة والفوز فی الدارین وإن صاحَبَه الأذى، بل أن الوصول إلى الوردة العطرة وقطفها یمر عبر أشواکها، فلا بد من تحمل الأذى فی سبیل المحبوب الذی یمثل بابا إلى ولوج ریاض السعادة.

وهذا المعنى کثیرا ما تتلألأ حروفه فی قوافی الشعراء وتمخر ألفاظه فی بحورهم، من هنا یقول الشاعر الهلالی فی قصیدته الطائیة الموسومة بـ "عنوان المعارف" فی خمسة عشر بیتاً، وهی من بحر الکامل:

وَعِشِ الحُسینَ مسیرةً ومبادئاً *** ورسالةً تُحیی الضَّمیرَ تبسُطا

وَرْداً به تُحَفُ العقولِ تَبَلْوَرَتْ *** عصماءَ فاعلةَ الحضورِ توسّطا

ما فازَ مَن رکب الحیاةَ بزهوها *** بل فازَ مَن فی الآل شادَ وما بَطا

وهذه حقیقة یؤکدها الهلالی فی قصیدته الثائیة الموسومة بـ "تسمو البحوث" فی عشرة أبیات وهی من بحر الوافر:

بسبْطِ مُحمدٍّ یَحْلُو حَدیثُ *** ویرقى فی معانیه المکوثُ

أجابوا فی قوافیها وداداً *** لأخراهم به نعمَ المُغیثُ

حسینٌ حبُّهُ مَنجًى وفوزٌ *** تُشیِّدُهُ الروایةُ والحدیثُ

وکأن الشاعر یذکرنا بأن النجاة فی حب الحسین(ع) أمر مسلّم به بخاصة وأن السنة النبویة الشریفة أکدت علیه فی الکثیر من الروایات، ومن ذلک ما ورد فی صحیح مسلم فی الحدیث رقم 4445 الوارد عن النبی(ص) فی الحسین(ع): (اللهم إنی أحبه فأحبه واحبب من یحبه)، ومن یحبه الله ورسوله فإن مآله لا محال إلى الجنان، بل إلى أرقاها، فقد جاء فی مسند أحمد بن حنبل فی الحدیث رقم 543 عن رسول الرحمة(ص): (من أحبَّنی وأحبَّ هذین – الحسن والحسین- وأباهما وأمهما کان معی فی درجتی یوم القیامة).

وهذا الحب والولاء نجدهما فی قلب کل مسلم شرح الله صدره للإسلام بغض النظر عن تقلیده المذهبی فی الفروع، ولهذا لا غرو أن یُیَمِّم الملایین رحلهم نحو زیارة نبی الرحمة محمد بن عبد الله (ص) فی المدینة المشرَّفة، أو یقصدون زیارة الإمام الحسین(ع) فی کربلاء المقدسة، ولا عجب أن یتقاطر على القاهرة المحروسة الملایین من قرى مصر وغیطانها ومدنها للاحتفال بمولد شریکة الحسین(ع) فی نهضته المبارکة السیدة زینب(ع) أو فی ذکرى الإمام الحسین(ع) نفسه، فلیست الأعداد الملیونیة حکرا على صاحب الرسالة فی طیبة أو سبطه فی الطف، فقد شهدت طرق القاهرة المحیطة بمرقد السیدة زینب(ع) فی 28/6/2011م قدوم ملیونی محب وموالٍ للاحتفال بیوم مولدها المیمون أو بما یُعرف باللیلة الکبرى وهو ما أشارت إلیه جریدة المساء المصریة بالعدد (19783) الصادر یوم الأربعاء 29/6/2011م فی صفحة متابعات بقلم الصحافی یاسر النابی، وقد لمست هذا الحب المفعم لأهل البیت علیهم السلام لدى زیارتی الأخیرة للقاهرة فی الفترة 19-25 حزیران 2011م أی قبل أیام من اللیلة الکبرى فقد وجدت مرقد السیدة زینب(ع) وعموم المنطقة عامرة بزوارها إلى الصباح الباکر، فقلب القاهرة من المناطق القلیلة فی العالم التی لا تنام، وباتت الأعداد الملیونیة تزحف کطیبة وکربلاء الى قاهرة الحب والولاء.

وهذه المودة لصاحب النهضة الحسینیة ولمن شمَّر عن ساعد الجد لتدوینها فی موسوعة کبرى، لاح نجمها وبان سعدها فی دیوان "الباقة الوردیة فی الموسوعة الحسینیة" المؤلفة قصائده من 477 بیتاً حسب الحروف الهجائیة الثمانیة والعشرین تکررت فی قافیتی الراء والیاء فکانت ثلاثین قصیدة ومقطوعة وهی فی تقریظ دائرة المعارف الحسینیة التی فاقت أجزاؤها المطبوعة والمخطوطة الستمائة مجلد، ووجَدَت الموسوعة أن من حق الناظم علیها أن تفرغ تقریظاته الولائیة فی دیوان مستقل، وهذا جزء من العرفان بالجمیل الذی تسدیه الدائرة لمن یمد إلیها ید الوصال والمحبة، ونعِمّا هذا الخُلق الرهیف والعُرف اللطیف.


د. نضير الخزرجي

إعلامی وباحث عراقی- الرأی الآخر للدراسات بلندن

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.

Date insert: الأربعاء, 07 أيلول/سبتمبر 2011 12:52
 
JoomlArt.ir JoomlArt.ir JoomlArt.ir

أنت هنا

Home