المقصد الأول، الفصل الثاني (1): في سيرة المرحوم الشيخ محمد ابراهيم الكرباسي طباعة
آل الكرباسي - الباب الثالث: سيرة جدّ ووالد الشيخ الكرباسي وأولاد
الجمعة, 03 حزيران/يونيو 2011 10:15

الفصل الثاني

من المقصد الأول:

في سيرة المرحوم الشيخ محمد ابراهيم الكرباسي

وهو سلطان العلماء العاملين، وشمس العلم والتحقيق، وبرهان أهل الحقّ واليقـين، سَميِّ خليل الرحمان، أعني الشيخ محمد ابراهيم ابن الشيخ محمد حسن ـ النخعي الأشتري ـ الكاخكي الخراساني الإصفهاني الكرباسي(1) أعلى الله مقامهما ـ.slide1

ولد المرحوم الشيخ الكرباسي في التاسع عشر من ربيع الثاني(2) سنة 1180 هـ(3) ولقد نقل هو بنفسه عن سيرة ذاتية كتبها والـده عنه: أنه كان صغيراً، حينما توفي والده الشيخ محمد حسن(4)، وكان الشيخ محمد حسن قد أوصى العالم الرَّباني والفاضل الصمداني المرحوم الشيخ محمد البيدآبادي ـ والذي كان من العلماء الأجلاّء والسالكين الى الله برعايـة ولده محمد ابراهيم، فأخذه الى منزله وربّـاه في كَنَفه.

روى صاحب كتاب «البدر التمام» عن والده الكريم الشيخ أبو المعالي: أن والدي المحقق سمع من والده المعظم الشيـخ الكرباسي أن ذلك العالم الجليل المرحوم الشيخ محمد البيدآبادي كان يكتب لبعض أولاده حكمة، ليتمرنوا على تحسين خطهم، وكان أحياناً يكتب هذا الشطر من الشعر، والتي جاءت ترجمته ـ من مجزوء المتدارك ـ:

هذِّب النفس بالتزكيهْ

تكسبن شهرة ضافيه

وأحيانا كان يكتب لهم هذا الشطر والذي ترجمته من الرمل المكفوف:

صاحبي تحلَّ بالخُلق الوِداعِ

حينها تكن عزيزاً في البقاعِ

ويتابع الشيخ قائلا: كنت أضع هذه الكلمات الشافية والعبارات الكافية نصب عيني، كنبراس لي.

يقول حفيده: ولقد سمعت أن الشيخ الكرباسي كان يكتب لنفسه، وأحياناً كان أستاذه يكتب له البيت التالي(5) والذي ترجمته من المتراكب:

خُذ ألفَ حولٍ للتديّن الباني

بينا تريّث في التأنس ألفانِ

بقي الشيخ الكرباسي عند ذلك العالم الجليل حتى وصل حدّ البلوغ والرشد، وعند ذاك أمره ذلك الراحل بأن يحجّ الى بيت الله الحرام، فنفّذ أمره، وعندما عاد من الحج بلغه نبأ وفاة ذلك العالم الجليل الشيخ محمد البيدآبادي، فآلمه ذلك النبأ جداً، فرحل الى العتبات المقدسة بالعراق، وانهمك في طلب العلم، والتقى في تلك الفترة بسيد العلماء وذخر الفقهاء والمجتهدين المرحـوم السيد محمد باقـر المعروف بحجّة الاسلام الشفتي(6) فأصبحا صديقين حميمين، وظلت هذه الصداقة والأخوّة قائمة بينهما الى نهاية العمر.

مكث الشيخ الكرباسي عدة سنين في العراق، وتلمّذ خلال تلك السنين على فطاحل وكبار العلماء في النجف وكربلاء والكاظمية، ثم توجّه الى قم وتلمّذ على يد صاحب القوانين المحقق القمي المتوفى عام 1231 هـ(7)، أعلى الله مقامه، ثم ذهب الى كاشان وحضر لفترة من الزمن دروس صاحب جامع السعادات، العلاّمة الشيخ محمد مهدي النراقي المتوفى عام 1209هـ، ثم توجّه بعد ذلك الى إصفهان وانشغل بالتدريس ومجاهدة النفس(8).

وقد قام سماحته بالتدريس في مسجد حكيم، وكان يعلو كرسياً عدّ لتدريسه، فيحضر دروسه عدد كبير من العلماء والفضلاء، مثل العالم البارع المؤتمن المرحوم السيد حسن المدرّس المتوفى عام 1273 هـ، والعالم الربّاني والفاضل الصمداني المرحوم السيد محمد الشهشهاني، والمرحوم السيد عطاء الله الخلخالي، وهو من أفاضل طهران، وقد لازم أستاذه الشيخ الكرباسي على مدى سنوات، وكذلك المرحوم المغفور له السيد شرف الدين علي الحسيني المرعـشي المتوفى سنة 1316 هـ، وهو المشهور بـ «سيد الحكماء» ويعتبر الجدّ المباشر لآية الله السيد شهاب الدين الحسيني المرعشي(9) دام ظله، وقد كان لهذين العَلَمين إجازة في الرواية من الشيخ الكرباسي، وغيرهم من العلماء العظام.

ويروى أن حوزة درسه كانت تضمّ في أغلب الأوقات أربعين مجتهداً، وقد نُقل عن بعض المشايخ أن مائة وعشرين شخصاً كانوا يحضرون دروسه(10). ولم يكن أيٌّ من العلماء والفضلاء والمجتهدين الحاضرين في مجلس درسه يجرؤ على الكلام، إلا واحداً بعد الآخر، وباحترام بالغ، وذلك بسبب عدم القدرة على مقاومة هيبته وعلوّ مقامه. وسيأتي ذكر قصة تشير الى حادثة تجرّأ فيها أحدهم في مجلس تدريس الشيخ الكرباسي وتجاوز على مقامه ثم رأى على الفور نتيجة عمله.

كان المرحوم الشيخ الكرباسي يفضّـل التحصيل العلمي على باقي الأعمال، بل حتى على الواجبات الكفائية والمستحبّات المؤكدة، مثل تولّي القضاء، وإقامة صلاة الجماعة، لأنه كان يعتبر الانشغال بالعلم واجباً عينيّاً، حتى أنه لم يتـشرّف بزيارة العتبات المقدسة بعد عودته من العراق، لأنه كان يرى أن السفر أمرٌ يتناقض والانهماك بالتـكامل العلمي، من باب إنه يتسبّب في تعطيل التدريس والمناقـشة العلمية، ولم يسـافر إلا مرّة واحدة (وكان ذلك عام 1219هـ ) لزيارة ثامن أئمة أهل البيت الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام.

وينقل الشيخ الكرباسي عما يتعلق بهذا المجال عن أستاذه العالم الباحث الكبير المرحوم السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض ـ المتوفى عام 1231هـ قائلا: حينما كنت أدرس على يديه في كربلاء المقدسة، كان يقول لنا إنه لم يزر النجف الأشرف ثلاثـين عاماً، رغم قصر المسافة بين المدينتين إلا مرّة واحدة لزَفاف وتزويـج ولده السيد محمد ـ المجاهد ـ، وكان يجمع في هذه الرحلة اليتيـمة بين القصر والتمام في صلواتـه، لأنه كان يرى احتمال حرمة مثـل هـذا السفر بالنسبة إليه(11).

انعزل الشيخ الكرباسي في بداية عمره عن الناس، بحيث انه لم يكن يتردد طيلة عام كامل إلا على منزِل واحد أو اثـنين من أصدقائه، بل (في فترة طويلة) لم يعد يتردد على بيت أحد سوى بيت سيد الطائـفة المرحوم الحاج السيد محمد باقر المعروف بحجة الاسلام الشفتي نوّر الله مضجعه، وكان لا يميل في معظم الأوقات الى إقامة الجماعة، لأنه كان يرى بأن صلاة الجماعة من المستحبات المؤكدة، وانها ليست قائمة بشخص معين، بل إنها تتحقق بوجود أي شخـص لديه ملكة العدالة، لكن تحصيل العلم هو من الواجبات العينية بالنسبة إليه.

ولما شاع هذا الموضوع، ظنّ الإصفهانيون أن الشيخ الكرباسي لا يريد إقامة صلاة الجماعة، لذلك فقد توجهوا الى المرحوم الشيخ الأعظم، مهوى العرب والعجم، الشيخ جعفر كاشف الغطاء المتوفى عام 1233هـ أثناء زيارته الى إصفهان(12) وأخبـروه بالأمر، فقال الشيخ كاشف الغطاء: لي حق التصرف ببيته، فاذهبوا إليه واقتحموا بيته وأْتوا به لإقامة صلاة الجماعة، فجاؤوا بالمرحوم الشيخ الكرباسي الى مسجد حكيم(13) فأقام صلاة الجماعة، وكان الأخيار والصلحاء والعلماء والأكابر يثابرون بالصلاة خلفه، وكان أحياناً يقيم صلاة الظهر جماعةً، ثم يأمر بعض الفضلاء والصلحاء بإقامة صلاة العصر، وينهمك هو بالتعقيبات والآداب المستحبّة.

وكان الشيخ الكرباسي يتورّع عن الإفتاء الى أبعد الحدود نظراً للتحذيرات الخاصة بهذا الشأن الواردة في الأحاديث، وكان يحيل كل من يطلب منه فتوى أو رسالة عملية الى شيوخه وأساتذته، الى أن انحصر أمر التقليد بمؤسس قوانين علم الاجتهاد، المرحوم الشيخ أبو القاسم القمّي صاحب القوانين، فأجبره وأمره بالإفتاء، حـتى أنه بعث إليه بمن ينقل إليه سلامه وتحياته ويسأله لماذا لا يكتب فتاواه وكيف سيجيب ربّ العالمـين؟ فهـل يليـق بي (القمي) أن أجيب على استفـتاءات الناس وأنا بهذه الحال من الشيخوخة والضعف والعجز؟. ومع ذلك، فلم يُـفْتِ الشيخ الكرباسـي طيلة حياة الشيخ الـقمـي، لكنه ألَّـف وأصدر رسالـته العمليّة(14) حينما انحصر به أمر الإفتاء، بعد وفاة الشيخ القمي، نظراً لإصرار الناس وإلحاحهم عليه.

كان الشيخ الكرباسي أعلى الله مقامه يعيش في أقصى درجات الزهد والقناعة، حتى أنه كان يرتدي ملابس بالية اقتداءً بمولى المتقين أمير المؤمنين عليه السلام مع أنه (الشيخ الكرباسي) كان ميسور الحال(15)، وقد بلغ به أمر الإحـساس بضعاف الحال من الناس أنه عندما ارتفعت أسعار بعض الأشياء، مثـل الجبن واللحم، مما جعل شراءها متعذراً على الفقراء والمحتاجين، فقد أقلع الشيخ الكرباسي عن تناولها، ولم يكن يسمح بجلبها إلى منزله، بل إنه كان يأمر الأغنياء بأن يسيروا على نهجه، ويقول لهم انه سيتبرأ منهم إن لم يكونوا كذلك، مواساة للفقراء، لذلك فقد أطاعه معظم الناس، وامتنعوا عن تناول تلك الأطعمة.

وعندما كان يرتفع سعر القمح، كان يأمر الناس بتناول خبز الشعير، وتضامناً معهم، كان يجعل إحدى وجبات طعامه وطعام أسرته يومياً خبز شعير ودخن. ونظراً لأن سعر القمح كان عالياً في معظم الأوقات، بسبب كثرة الضرائب التي فُرضت على الفلاحين، فقد طلب الشيخ الكرباسي من السلطان فتح علي القاجاري، أن يلغي الضرائب عن كاهل المزارعين، فما كان منه إلا أن استجاب لطلبه، إجلالاً له.

كان الشـيخ الكرباسي يُعين ويُساعد الفقراء والمساكين على قدر طاقته، وخاصةً طلاب العلوم الدينية منهم، فقد كان يهتم بهؤلاء أكثر من غيرهم من المحتاجين، ويهتم بشكل كبير بتعليم الناس المسائل الشرعية الى حدّ أنه عيّن ثلة من العلماء لإلقاء دروسهم ومحاضراتهم في المسجد منذ طلوع الشمس يومياً(16).

تشدّد الشيخ على تفقّه الطلاب في الدين

كان المرحوم الشيخ الكرباسي أعلى الله مقامه يبعث بالمال الى طلاب العلوم الدينية في يوم من أيام الشهر من دون تحديد اليوم، يتم توزيعه على الحاضرين في الدرس، أما الغائبون فـيُحرمون من هذا المال، وعليه فقد كان الطلبة يحرصون على المواظبة على حضور الدروس.

كان الشيخ يتـشدّد على الطلبة كثيراً لكي يهتموا بالتـفقُّه في الدين، وكان يعتذر لهم عن هذا التـشدّد بالقول: إنه لو لم يصدر عن أهل البيت(ع): «اضربوا رؤوس أصحابي بالسِّياط حتى يتفقهوا»(17) لما تـشدّدتُ مع الناس بهذه الصورة.

مدرسة الشيخ الكرباسي

كان الشيخ الكرباسي مهتمّاً إلى أبعد الحدود بتعمير الأوقاف والصدقات الجارية، وخاصة المدارس، وقد بنى من ماله الخاص مدرسةً في إصفهان الى جوار منزله، وهي المدرسة المعروفـة بمدرسة حاجي كرباسي(18). وقد درست شخصـياً في هذه المدرسة عام 1340هـ، أثناء إقامتي في إصفهان. وللأسف فقد سيطر أحد أحفاد المرحوم واسمه محسن ـ ولم يكن اسماً على مسمىً ـ على مدرسة «حاجي كرباسي» الواقعـة في محلة مسجد حكيم، في عهد السلطان رضا بهلوي، عندما استولت الحكومة على الأوقـاف وباعتها، فاشتراها من الأوقاف بغير وجه حق، ثم هدمها وبنى على أنقاضها عدداً من البيوت. وهذه المعاملة التجارية لم تكن صحيحة على أي حال من الأحوال، وذلك لأن المدرسة إما أن تكون ملكاً شخصياً للشيخ الكرباسي أو أنه جعلها وقفاً. فإذا كانت ملكاً شخصياً له فجميع ورثـته شركاء فيها، والمتصرِّف فيها يحتاج إلى إجازة ورضا الجميع، وإذا كانت وقفاً، فشراء وبيع الوقف غير صحيح، ولم تكن هذه المدرسة من مستثـنَيات التصرف في الوقف شراءً وبيعاً.

رأي الشيخ الكرباسي في الاستخارة

كان الشيخ الكرباسي يستخير في كل الشؤون حتى لتناول الطعام، وكان يقول: في اعتقادي أن للـوحي طريقتين، أحدهما انقطع، والثاني باقٍ الى يوم القيامة(19) ألا وهو الاستخارة.

يروى أن الشيخ الكرباسي كلّف بعض العمال لترميم بيته، ففقد خاتمه في تلك الأثناء، ولم يعثر عليه رغم البحث المكثف، فعزّ عليه ذلك كثيراً، لعلاقته بذلك الخاتم. وفي نهاية المطاف قرّر الاستخارة حول هدم ما بـُني حديثاً، فكانت نتيجة الاستخارة جيدة، فبادر الى هدمه، فوجد الخاتم بين الأنقاض. واتّضح فيما بعد أنه كان قد وضع الخاتـم فوق أحد الجدران لكي يتوضأ، ثم نَسِيَ أن يرفعه، فيما صبَّ البنّاءُ فوقه جُصّـاً دون أن يعلم، وبنى عليه(20).

أدرك ليلة القدر

كان الشيخ الكرباسي أعلى الله مقامه يُحيي كلّ ليالي السّـنة بالدعاء والعبادة، وذلك طلباً لدرك ليلة القدر، وكان يحضر الى مسجد حكيم في الليالي المباركة، وخاصة ليالي الجمعة، وكان يجمع الناس في تلك الليالي ويعظهم بالمواعظ الشافية، ثم يشير ضمن مواعظه إلى مصائب الأئمة الأطهار(ع)، ثم ينهمك فيما بعد ذلك بالدعاء والإلحاح على الله تعـالى لقضاء الحاجات، وكان يأتي أيضاً الى المسجد في نهاية يوم الجمعة لقراءة دعاء السمات. ونظراً لكثرة ترغيبه وحثّه الناسَ على الدعاء، فقد كانوا يحضرون في المسجد رجالاً ونساءً، ليقرأوا معه دعاء السمات، والواقع إن اهتمامه بالدعاء عصيٌّ على الوصف.

ففي أوقات نزول البلاء، مثل مرض الطاعون أو الوباء أو غيرهما من الأمراض السارية المهلكة، تراه يأتي الى المسجد ليلاً، فيصلي ثم يبادر الى الموعظة والدعاء، ثم يأمر الناس بالصيام ثلاثة أيام، ويذهب في اليوم الثالث مع جميع أهل المدينة حتى العلماء وأئمة الجماعات منهم، إلى المصلّى بخشوع وخضوع تامَّين، وهُم حفاة، لكي يلحّوا في الدعاء على الله العليّ القدير والطلب منه لرفع البلاء،، الذي لم يكن سبحانه ليردّ لهم طلباً، فكان يرفع عنهم البلاء سريعاً.

يقول صاحب كتاب «البدر التمام»: نقل لي بعض الثـقاة، عندما سرى الطاعون في بعض السنوات، في إصفهان، بحيث كان يموت أكثر من مائة شخص يومياً، توجَّه الشيخ الكرباسي الى المصلّى في إحدى ليالي الجُمَع، للدعاء بغية رفع البلاء. وحدث أن استولى الرعب على أحد الطلاب خشية من أن يصيبه المرض الفتّـاك، لذلك فقد قرّر الهجرة من إصفهان، وبمجرد أن أتى الى المصلّى، واستخار للبقاء والمكث في إصفهان، فجاءت الآية التالية: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴿٣٥﴾}(21). اطمأنَّ قلبه وزال خوفه، وعرف أن الله سـيرفع البلاء عن الناس هناك(22) ـ ببركة دعاء الشيخ محمد ابراهيم الكرباسي ـ.

السفر الى طهران عام 1251هـ، لقمع الضلال

كان المرحوم الشيخ الكرباسي من الساعين لخدمة الشؤون الدينية، والجادّين في إزالة كل ما من شأنه إهانة الشريعـة، وقد حصل أن ظهرت بعض الفرق الصوفـية في بداية حكم السلـطان محمد القاجـاري (1250 ـ 1264هـ)، مما خدع بعض الجهلاء بهم، واعتقد بعض آخر أن السلطان يميل إليهم أيضاً، ولما كان الشيخ الكرباسي يخشى أن يزداد عدد أتباع التصوّف فيشيع بين الناس، كما انه لم تمض سوى سنة واحدة على تقلد السلطان محمد زمام الحكم، وقد طلب السلطان مرات عديدة من الشيـخ الكرباسي السفر الى طهران، وعبّر عن شوقه للقائه والحديث معه، إلا أن المرحوم لم يُلبِّ دعوته، ولكنه لمّا وجد في سفره هذا ما يتوجب عليه من دفع المنكر، فقد سافر اليها مع جمعٍ من العلماء، وكانوا مشغولين أثناء الطريق بالتدريس والتباحث في العلوم الدينية، حتى وصلوا الى مدينة الرّي، حيث مرقد السيد عبد العظيم الحسني عليه الرحمة، ولم يستطيعوا المكث في الحرم يوماً واحداً بسبب ازدحام الناس، لذلك فقد صلّوا صلاة الصبح في اليوم التالي وتشرّفوا بالزيارة، ثم توجهوا الى طهران.

وعندما بزغت الشمس، تحركوا من «الرّي» ببطء شديد لكثرة المستقبلين، ذلك لأن جميع أهالي طهران من علماء وأعيان ومسؤولين وتجّار خرجوا لاستقبالهم، بحيث بدا الأمر وكأن أحداً لم يبقَ في طهران. ثم بعد ذلك، تلا أحد المقرئين الحافظين للقرآن والذي كان من ثقاة العرب(23) آيات من الذكر الحكيم أمام ركب الشيخ الكرباسي، وكان يتلو الآيات المشتملة على الوعد والوعيد، فيما كان الناس يبكون لدى سماع هذه الآيات القرآنية. ولم تبق على غروب الشمس إلا ساعة واحدة عندها وصل الشيخ ومن معه الى منزل شيخ المشـايخ العظام وقدوة العلماء الفِخام الحاج الشيخ رضا(24) كل ذلك وليس بين طهران ومدينة الرّي أكثر من فرسخ واحد(25).

وفي صباح اليوم التالي، تقاطر الناس زرافات ووحداناً لرؤية وزيارة الشيخ الكرباسي، ثم بعث السلطان محمد، رئيس وزرائه الى الشيخ للإعتـذار إليه بأن السلطان لم يتمكن من التـشرّف بزيارتـه لمرض طارئ(26) طالباً منه الدعاء له بالشفاء. وبمجرد أن عوفي السلطان بادر الى زيارة الشيخ الكرباسي، وبعد المجاملات الرسمية، قال الشيخ الكرباسي للسلطان: أخشى أن يتجاهلك الإمام موسى بن جعفر عليه السلام! فلم يفهم السلطان ما عناه الشيخ، واستولى عليه الخوف، فأجاب: إن إيماني بالأئمة الأطهار وإخلاصي لهم بأفضل ما يكون، فقال الشيخ الكرباسي: أعتقد أن سيد الطائفة الحاج السيد محمد باقر المعروف بحجة الإسلام شفتي لا نظير ولا مثيل له، وهو اليوم مثل جدّه موسى بن جعفر(ع) إلا أنه غير معصوم، إذن فمن يؤذي سيد الطائفة فهو كمن آذى الإمام موسـى بن جعفر(27). وهنا أعرب السلطان عن محبّته لسيد الطائفة، فأمر الشيخ الكرباسي السلطان باحترام وتكريم العلماء ونشر آثار آل محمد(ص) وإعانة الضعفاء، والعدل بين الرعيّة، ووعظه ونصحه، ودعاه إلى أن يستخير في كل شؤونـه، مؤكداً أن من عادته الاستخارة في كل شيء، حتى إنجاب أولاده كان بالاستخارة أيضاً، عندها ضحك السلطان وتعجب من كلامه، وسأل حتى في هذه الأمور كنتم تستخيرون؟ فأجاب الشيخ: نعم.

وبعد عدة أيام، قرّر الشيخ زيارة السلطان رداً على زيارته وذلك في منتصف ذي الحجة، وعندما عرف السلطان بذلك بعث بأحد مسؤولي دولته الى الشيخ الكرباسي متمنّياً عليه تأجيل هذه الزيارة الى الثامن عشر من ذي الحجة، عندما يحلّ عيد الغدير، فتـقع الزيارة في يوم مبارك، فقبل الشيخ هذا الطلب(28).

استقبال مهيب

صبيحة عيد الغدير، توجّه الشيـخ الكرباسي للرد على زيارة السلطان، ممتطياً بغلاً، وقد أحاط به الناس، بينما كان أحد المقرئين يقرأ القرآن من أمامه، والناس تزدحم عليه بشكل لا نظير له، وأخذوا يقبّـلون يَديْ وَقَدَمَي الشيخ، بل وملابسه ونعاله، وعندما اجتاز الموكب السوقَ جُرح عدد من الناس بسبب كثرة الازدحام، ولدى وصوله الى الساحة القريبة من قصر السلطان، انهال على الموكب كل جنود السلطان وفرسانه لتقبيل يدي الشيخ الكرباسي، مما زاد من حجم الحشود، فأعاق حركتها !. وما أن بلغ نبأ ذلك الى السلطان، إلا وأمر بإرسال مائة جندي للحفاظ على الشيخ الكرباسي وتفريق الجموع، ولكن ذلك لم يؤدِّ الى أية نتيجة، وقد ديسَ أولئك المائة من الجنود ولم يكترث بهم أحد! وظل السلطان ينتظر الشيخ لكن مجيئه تأخر وطال الانـتظار، ومازال الشيـخ الكرباسي في الطريق، وإذ بصوت الأذان قد ارتـفع(29)، مع أن هذا الطريق لم يكن طويلاً، بل لا يستغرق أكثر من ربع ساعة إلا أنه قطعه في نصف نهار، وفي نهاية المطاف وصل الشيخ الى قصر السلطان مساءً، فيما كان قارئ القرآن يتلو: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى}(30) فاستقبل السلطان الشيخ بكل حفاوة وتقدير.

وبعد المجاملات المعتادة بدأ الشيخ يحث السلطان على التزام العدل ونشر الشريعة الغرّاء، وأخذ الشيخ يذكّر السلطان بمفاسد فرقة الصوفية، فأعلن السلطان براءته منهم وأقسم قسماً مغلّظاً أنه لن يسايرهم بعد اليوم، وسيخرّب كيانهم ولن يؤيدهم بأي شكل من الأشكال(31).

لقاء السلطان فتح علي مع الشيخ

وثمّة حكاية وردت في كتاب «نور العين» من تآليف جدي المرحوم الشيخ محمد جعفر ابن الشيخ الكرباسي حول حدّ الارتداد ومعناه، وقد رواها بالمناسبة، وذكر أنه كان أحد شهـودها العيان، والحكاية هي: إنه حينما توجّه السلطان فتح علي القاجاري (1212 ـ 1250هـ) الى إصفهان، زاره جميع العلماء والأعيان، لكن المرحوم العلاّمة والدي لم يَزُرْهُ، فبعث إليه السلطان بعض مسؤولي الدولة قائلاً له: إنك من علماء هذه المدينة، بل ورئيس علمائها وينبغي عليك أن تستضيفنا، فَلِمَ لمْ تشرّفنا بالزيارة؟ أجاب الشيخ: لقد اتّضح لي أنني إذا زرتك أكثرتُ التـكليف على نفسي، وذلك لأن مَن لهم حاجة لديك، أو وقع عليـهم الظلم أو التجاوز في الولايات، يرجونني أن أعرض عليك أوضاعهم، وإذا اطلعت على معاناتهم، ثم لم أنقلها إليك فسيعاقبني الله على ذلك، وإذا نقلتها فربما أزعجك وأشـغل بالك، ولكن إذا لم تكثر زياراتي لك فإن المحتاجين لا يترددون عليّ.

بعد وصول هذه الرسالة الى السلطان، بعث مجدداً بأحد أمناء حكومته قائلا: إنني قد أتممت الحُجّة عليك لكيلا تُـتَّهَم بالتقصير. وليعلم الشيخ أنه إذا اطلع على ظلمٍ وعدوانٍ يقع على أحد أبناء إصفهان بل على كل من في ايران المحروسة، ولم يُطلع السلطان عليه ولم يحاول إزالته، فيجب أن يُهـيئ جواباً لله في يوم الحساب، وإذا أطلعَـهُ الشيخ عليه ولم يكترث السلطان بذلك أو يزيله، فسيكون السلطان هو المسؤول أمام الله يوم القيامة وأمام صاحب الرسالة المحمدية، وأكد السلطان أنه سيخفف العبء عن كاهله يوم الحساب لأنه أتمّ الحجة على الشيخ الكرباسي.

وبعد وصول هذا الجواب والرسالة، توجّه الشيخ الكرباسي أعلى الله مقامه الى زيارة السلطان، وذكر له في المجلس حديثـاً مرويّـاً عن الإمام الصادق عليه السلام ورد فيه: كان النجاشي، وهو رجل من الدهاقين، عاملا على الأهواز وفارس، فقال بعض أهل عمله لأبي عبد الله(ع): إن في ديوان النجاشي عليّ خراجاً، وهو مؤمن يدين بطاعتك، فإن رأيت أن تكتب إليه كتاباً؟ قال: فكتب إليه أبو عبد الله(ع): «بسم الله الرحمن الرحيم، سُرَّ أخاك يَسُرُّكَ الله». قال: فلما ورد الكتاب عليه، دخل عليه وهو في مجلسه، فلما خلا ناوله الكتاب وقال: هذا كتاب أبي عبد الله(ع)، فقبّـله ووضعه على عينيه، وقال له: ما حاجتك؟ قال: خراج عليّ في ديوانك، فقال له: وكم هو؟ قال: عشـرة آلاف درهم، فدعا كاتبه وأمره بأدائها عنه، ثم أخرجه منها، وأمر أن يثبتها له لقابل، ثم قال له: سررتك؟ فقال: نعم جُعلت فداك، ثم أمر بركب وجارية وغلام، وأمر له بتخت ثياب، في كلّ ذلك يقول: هل سررتك؟ فيقول: نعم جُعلت فداك، فكلما قال: نعم، زاده حتى فرغ، ثم قال له: احمل فُرش هذا البيت الذي كنتُ جالساً فيه حين دفعت إليّ كتاب مولاي الذي ناولتني فيه، وارفع إليّ حوائجك، قال: ففعل، وخرج الرجل فصار الى أبي عبد الله(ع) بعد ذلك، فحدثه بالحديث على جهته، فجعل يسرُّ بما فعل، فقال الرجل: يابن رسول الله كأنه قد سرّك ما فعل بي؟ فقال: «إي والله، لقد سرّ الله ورسوله»(32).

بعد نقل هذا الحديث السار، قال الشيخ الكرباسي للسلطان: لقد شحّ الخبز وغلا ثمنه في إصفهان منذ فترة من الزمن، مما أعجز أهالي المدينة وخاصةً فقراءها عن توفيره فعاشوا في مرارة وعذاب، ومن جهة أخرى يتعـيّن على الخبّـازين أن يدفعوا الضرائب الى الديوان، فلو أعفيتهم من دفع الضرائب، فسيكون ذلك باعثـاً على التخفيف من معاناة عامة أهالي المدينة ومجلبةً لرفاههم. وبعد مضيّ أقل من ساعتين على عودة الشيخ الكرباسي من قصر السلطان، أصدر الأخير أمراً بإعفاء الخبازين من الضريبة الحكومية، مما أدى الى أن يقول بعض أمناء الحكومة للسلطان بعد صدور هذا الأمر، أن خسائر الديوان الملكي ستتجاوز العشرين ألف تومان!

فقال السلطان: لقد أعفيتهم من ذلك إرضـاءً لله تعـالى ولو بلغت الخسائر خمسين ألف تومان. ثم إن السلطان أرسل مع قائد جيشه يوسف خان الى وحيد عصره الشيخ الكرباسي مبلغ ألف ليرة ذهب ليوزعها على طلبة العلوم الدينية والفقراء، كما التمسه أن يدعو له بالتوفـيق، وأخبره بأنه أصدر مرسوماً ملكياً باعفاء الخبازين من الضرائب، وتمناه أن تدعوا الأمة في المسجد لاستقرار أوضاع دولة الاسلام.

ثم إن السلطان توجّه في مساء ذلك اليوم لزيارة الشيخ الكرباسي قبل باقي مشـاهير العلماء وقال: لقد جئت إلى بيتك ماشياً اليوم، لكي أذهب يوم القيامة الى الجنة راكبا.

وكان الشيخ الكرباسي صاحب نفس أبيّـة وما كان ينخدع بأمور الدنيا الدنيّـة(33) وكان صاحب همّة عالية لم يشاهـد نظيراً له في العالم السفلي، رغم أنه كان ذا شأن عظيم وصاحب مقام رفيع في العالم العلوي. ولقد قرأت عنه قسما من منزلته الرفيعـة في العالم السفلي فأصغ الى مقامه السامي في العالم العلوي.

الاحتياط في الأمور

كان الشيخ الكرباسي مواظباً للغاية على إطاعة الأوامر الإلهية والابتعاد عن الشهوات وهَوى النفس، وكان يسلك على الدوام طريق الزهد والتقوى، وينتهج نهج الاحتياط في مختلف الأمور.

قال صاحب كتاب روضات الجنّات بشأنه: لقد بلغ الشيخ الكرباسي في الاحتياط والورع في المناهج والأعمال وأمور المعاش والأموال الى حيث ضربت باحتياطاته المفرطة الأمثال وتحار دون مذاقاته الشديدة ألباب الرجال، ولا يمكن أن يقاس به في هذه السجية الباهرة أحد من الأبدال(34).

وإن رغبت الى الاطلاع على ما ورد في هذا الاتجاه، فسنذكر نموذجاً منها: يروى أن الحاج محمد رضا طبيب(35) زار الشيخ الكرباسي يوماً، وطلب ماءً ليـشرب أثناء حديثه معه، فذهب أحد العاملين مع الشيخ الكرباسي واشترى شيئاً من الثلج وغمسه على مرأىً من الحاج في الحوض الذي كان يتوضأ منه سماحته، فاستاء الشيخ وسأله: لماذا فعلت ذلك؟ فتصوّر الشخص المعني وكذلك الطبيب، أن استياء الشيخ نابعٌ من كون الثـلج كان ملوّثاً بالتبن ممّا أدى الى تلوّث ماء الحوض، لذلك فقد أخرج الرجل التبن من الحوض، لكن الشيخ الكرباسي قال له: كيف لي أن أتوضأ في الماء الذي غمرتَ فيه الثلج؟ ثم أمرنا بإحضار شخص متدين وصالح يدعى السيد علي، وطلب منه أن يفرّغ الحوض من الماء، ويجفّف جوانبه بفوطةٍ، لكيلا يبقى منه شيءٌ، ثم يملأه بالماء مجدداً، وهو ما حصل بالفـعل، وسبب ذلك أنه كان يحتاط من الثلج(36)، ولم يشرب طيلة عمره ماءً مثلّجاً، كما لم يأكل مطلقاً توتاً أسوداً، بسبب كَوْن أشجار التوت الأسود واقعة غالباً في أملاك الديوان الملكي ومسؤولي الدولة(37).

ويُنقل عنه أيضا أنه كان يُعيد صلاته أو يقضيها عدة مرات بسبب شكّه في بعض مسائـلها ولو بشبهة ضعيفة(38)، فقد أوصى بأن تُقضى صلواته طوال عمره.

ويحكى أنه كان يرسل من إصفهان الى العراق أشخاصاً موثوقين يشترون له حاجته من القمح من أناسٍ ثقاة من الذين يطمئن إلى أنهم يخرجون الزكاة من أموالهم(39).

وبعد أن يُجلب القمح، كان يأمر أهله بتنظيفه وتطهيره بمياه الحوض وتجفيفه على سطح الدار، ثم طحنه بآلة الطحن الموجودة في دهليز بيته، وبعد ذلك يعجنون منه يومياً بقدر حاجة البيت، ثم يبعثون به إلى المخبز لكي يخبزه الخباز لهم، وكان يمنعه من خلط عجين دكانه بعجين المرحوم الخاص(40). كما كان المرحوم يحتاط من تناول الأجزاء المحترقة من الخبز(41) وكان يفصلها عنه(42).

ويروى كذلك أن الأطباء منعوا المرحوم في أواخر عمره من شرب ماء البئر وأمروا بأن يشرب من مياه نهر «زاينده رود» في إصفهان، لذلك فقد كان يأمر خادمه بأن يملأ إناءً من ماء البئر الذي في منزله ثم يريقها في النهر، ثم يملأ ذلك الإناء من النهر ويأتي به، وكان يفعل ذلك يومياً(43).

وذات مرّة قـرّر جمع من المؤمنين بناء إيوانٍ في صحن مسجد حكيم بإصفهان لكي يصلّي فيه المؤمنون صيفاً، ولما استأذنوا الشيـخ الكرباسي لم يُجزْ لهم ذلك. كما أراد آخرون أيضـاً بناء جدار حول حوض المسجد للحيلولة دون وقـوع أحد فيه، واستأذنـوا الشيـخ أيضاً لكنه لم يأذن لهم بذلك، وكل هذا من باب الاحتياط وتجنّب التصرّف بالوقف، وكان يرجعهم الى السيد حجة الإسلام الشفتي. وعندما راجعوا السيد الشفتي أَذِنَ لهم، فقال ما دام قد أذِنَ لكم فافعلوا ما رغبتم به لكن دون التصرّف بالوضع القديم للمسجد، أي ابنوا إيواناً على البلاط القديم لصحن المسجد، ولا تقلعوا البلاطات من مكانها وتستبدلوها بغيرها(44).

وبالنسبة للجدار المزمع إقامته حول الحوض، فعليكم بناؤه من قعر الحوض ووضع تلك الأحجار فوق ذلك البناء لكي يصبح محلاً لغسل الأرجل، ويصبح هذا المحل جزءاً من الحوض لكي يكون بعيداً عن أراضي المسجد المحكومة بوجوب إزالة النجاسة، فنفّذوا أمره.

وكان الشيخ الكرباسي يمنع الكسبة من فرش البُسُط في المسجد ويجلسوا عليها لتمشية معاملاتهم(45)، ولم يكن أحد يجرؤ على فرش بساطه خوفاً منه(46). كان الشيخ الكرباسـي حريصاً بشكل دائم على تنظيف المسجد وإخراج القمامة منه، وقد حصل أن دخل ذات يوم إلى المسجد ووجد في إحدى زواياه شيئاً من القمامة، فما كان منه إلا أن أخرج من جيـبه منديلاً، وجمع فيه تلك القمامة، على الرغم من أن هناك الكثير ممن يتمنى أن يخدمه(47).

كان الشيخ الكرباسي مستجاب الدعوة

لقد أطبقت شهرة استجابة دعاء الكرباسي الآفاق، وبلغت كل الأسماع وجرَتْ على كل الألسنة، ولم يحدث أن دعا المرحوم ربَّه وطلب منه شيئاً فلم يستجب دعاءه، وكان الجميع يعتقد أنه لو دعا الشيخ الكرباسي لأحد من أجل أية حاجة فستُقضى حاجته فوراً ويصل الى مبتغاه، وإذا دعا على أحدٍ فسيتحقق ذلك بالتأكيد.

ومن بين الحالات التي اشتُهر بها في هذا المجال وكانت واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار مما لا يمكن أن ينكره أحد، أنه ما إن كان يتوجّه الى الاستسقاء حتى يظهر أثر استجابة دعائه بسرعة. وكان المرحوم قد ذهب لغرض الاستسقاء مراراً، فقد حصل في أواخر عمره أن طلب منه الناس الاستسقاء لجفاف الأنهر وعدم هطول المطر، فأصيب الناس بالقحط، ولكنه لم يُلَبِّ طلبهم بسبب انحراف صحته إلا أنهم أصرّوا عليه مما اضطره الى القبول، فجلبوا سريراً، وتحلّق الناس حول السرير ووضعوا الشيخ فوقه وازدحم عليه الناس بشدة، كباراً وصغاراً، ثم توجهوا نحو مسجد المصلّى في منطقة (تخت فولاد) وأثـناء سيرهم في الطريق انقلب حال الشيخ الكرباسي فانهمك بالتضرّع والمناجاة مع قاضي الحاجات، فرأى الناس أن السُّحُب قد تجمّعتْ فجأة، في حين أن أثراً لها لم يكن موجوداً قبل توجههم الى المصلّى(48).

ونُقل عن العالم الجليل والحبر النبيل جدّي سماحة الشيخ محمد جعفر نجل الشيخ الكرباسي أنه قال: ما إن وصلنا الى سوق الصبّاغين حتى رأيت قطرات المطر تنفذ من ثقوب طاق السوق، وعندما وصلنا الى المحلة المعروفة بـ (چهار سوق) اشتد هطول المطر، لذلك اضطررنا الى التوقف، فأمر الشيخ الكرباسي الشيخ أحمد بأن يقرأ شيئا من التعزية الحسينية ثم قام بعده السيد حسن(49) فذكر مصيبة الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء(ع) وعليّ الأصغر(ع) فتعالت أصوات الحاضرين بالبكاء مما يصعب وصفه، وعدنا مسرورين من هناك بعد انفراج الشدة(50).

وروي أيضاً أنه كان لامرأة طفل صغير أصابه مرض عضال، مما حدا بالأطباء الى اليأس من شفائه ورفضوا معالجته، فلم تجد تلك المرأة بُدّاً من أن تتوسل بالشيخ الكرباسي وبإلحاح وتطلب منه أن يدعو له بشفائه، وهي مضطربة، فاتجه المرحوم الى القِبلة وبدأ بالدعاء الملحاح، طالباً شفاء الطفل من الله قاضي الحاجات، وحينما رجعت الأم الى بيتها وجدت طفلها وقد استعاد صحته وعافيته على الفور.

ونُقل أيضا عن العالم العامل المرحوم حاجي بابا أنه قال: بعدما تزوّجت، ومضى عليَّ زمن لم أرزق ولداً حتى يئست من نعمة الإنجاب، الى أن أتى يوم عرضتُ فيه هذا الموضوع على الشيخ الكرباسي والتمسته أن يدعو لي، فدعا وأمرني بقراءة الآية الكريمة {رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ}(51) فلم يمضِ عليّ وقت طويل حتى رزقني الله أولاداً من الذكور والإناث.

وذُكر أيضا أن أحد الممارسين للأعمال الحرّة كان له العديد من الأولاد، إلا أنه كان يتمنى أن يرزقه إبناً يكون من أهل العلم والصلاح وحافظا للقرآن، فذهب يوماً الى منزل الشيخ الكرباسي وتشرّف بزيارته وعرض عليه أمنيته طالباً منه أن يدعو له بهذا الشأن، فدعا له وقال إن الله سيرزقك ولداً حسب أمنيتك إن شاء الله، ولم تمض فترة زمنية إلا ورزقه الله ولداً ميّالاً الى تحصيل العلم ومنهمكاً بتـزكية النفس وصالحاً ورعاً ومن حفّـاظ القـرآن وصاحب خط جميل. وقد نُقل عن بعضهم: إننا رأينا ذلك الولد الذي كان رجلاً جليلاً وورعاً وحافظاً وكاتباً للقرآن، مع أن إخوانه لم يكونوا سوى رعاةٍ للغنم!(52).

وحينما يدعو على شخص

يقول صاحب كتاب البدر التمام: «سمعت من والدي المحقق، وكذلك قرأت ما كتبه في آخر رسالة ألّفها عن زيارة عاشوراء وقد ورد فيه: إن المرحوم الشيخ الكرباسي دعا على شخص من أعيان المدينة ـ ممن لم يرتـدع بل تمادى في غيّه ـ عقب صلاة الظهر والعصر، فاستجيب دعاءه ومات ذلك الشخص في الحال. وقد جاء الى الشيخ بعض السادة والأكابر والعلماء وقالوا: إننا نعتقد أن روحه فارقت بدنه فور دعائك عليه!. فقال لهم والـدي: لقد أخافت سرعة تأثـير الدعاء الناس من الشيخ»(53).

ونقل أيضا بعض الثقاة من أصحابه يقول: كنت في صحبة الشيخ الكرباسي لدى رجوعه من مسجد حكيم بعد صلاة الفجر، وإذا بشابٍ قد أقبل الى الشيخ وحاول أن يقبّل يده، إلا أنه امتنع، فقال الشاب: أريد أن أقبّل يدكم، ولي عندكم حاجة، أرجو أن تدعو لي فان الحمّى لم تفارقني منذ ثلاثين يوماً، فنهره الشيخ(54) وقال: سوف لا تفارقك شهراً آخر، وبعد شهر التقيت بالشاب، فحلف لي بأن الحمى بالفعل لم تفارقه إلا بعد شهر.

وأيضاً يُنقل عن أحد الفضلاء، وكان أستاذه من تلامذة الشيخ الكرباسي: استفسر أستاذي ذات يوم عن مسألةٍ في مجلس درس الشيخ الكرباسي، فأجاب الشيخ على استفساره بوجوه متعددة إلا أنه لم يقتـنع، فتجاسر على الشيخ، فسئم منه الشيخ، فدعا عليه: أماتك الله شاباً إن شاء الله. وما أن عاد التلميذ الى بيته إلا وأصيب بالحمّى، وبعد سويعات تغيّرت أحواله وساء وضعه، فأدرك زملاءه أن دعاء الشـيخ هو الذي سبَّب له ذلك، فهرعوا الى الشيخ وطلبوا منه أن يعفو عنه وأن يذهب لعيادته، ووافقهم على عيادته مع أنه لم يكن من عادته ذلك، ففي اليوم التالي وبعد انتهاء دروسه توجّه الى عيادته ودعا له، لكن مرضه كان قد استفحل فيه وأدى الى وفاته، فدفن مساء ذلك اليوم في مقبرة تخت فولاد. وهناك العديد من هذه الحالات التي اشتهر بها الشيخ الكرباسي.

ويلاحظ في الكثير من الموارد أن مجرد عدم رغبته في أمر أو تصريحه بذلك، كانت تظهر آثاره على أرض الواقع. وفي هذا المجال ينقل مؤلف البدر التمام عن والده المحقق أن أحد طلاب الشيخ ممن استخدمه الشيخ في بعض أغراضه العلمية، توجـّه الى زيارة العتبات المقدسة خلافاً لرغبته، فمات أثناء سفره، فعيّن الشيخ طالباً آخر مكانه، فصمّم هذا أيضاً على الزيارة خلافاً لرغبته، فقال له الشيخ: إذا عزمت على الذهاب فانقل سلامنا الى فلان (الشخص الأول)، يريد بذلك أنك ستلتـحق به، فسافر الشخص الثاني ومات أثناء السفر أيضاً!.

نبوءته عن المستقبل

وكان الشيخ الكرباسي يتنبأ بوقوع أمور لم تحدث بعد(55). فمن ذلك ما نقله مؤلف البدر التمام عن أحد العلماء أن الشيخ الكرباسي عندما علم بعزم بعض الحكام على السفر فقال له أكتب: «أخبرني مخبرٌ صادق أنه لا يعود»(56).

ويُنقل عن العالم الفاضل الحاج السيد أحمد المرندي المتوفى عام 1268هـ ( طاب ثراه) وهو من تلاميذ المرحوم الشيخ الكرباسي أنه قال: عندما عزمت على السفر الى طهران، توجّهت لتوديع الشيخ الكرباسي، فسأل عن طول الرحلة، فقلت: ثلاثة أو أربعة أشهر، فقال: إن رحلتك ستستغرق واحداً وعشرين شهراً ! فتحيّـرت مما قاله وطلبت منه الإذن وانصرفت. وعندما عدت الى البيت كتبت تاريخ بدء الرحلة على غلاف المصحف، وذهبت الى طهران ومكثت هناك فترة من الزمن، وحدث حادث في مرند، فغادرت طهران اليها مضطراً، ثم عدت بعد فترة من مرند الى طهران، ومن هناك رجعت الى إصفهان، وعندما دخلت البيت، وقعت عيناي على المصحف، فقرأت تاريخ السفر ووجدت أن الرحلة استغرقت بالفعل واحداً وعشرين شهراً دون زيادة أو نقصان !. وقد وقع للشيخ الكرباسي الكثير من أمثال هذه القضايا، ولم يحدث ذلك إلا لتقواه وإعراضه عمّا سوى الله وخلوص نيّته في أعماله وتطابق أقواله مع أفعاله وتجنّبه الشبهات، فما بالك بالمحرّمات، وكذلك مواظبته على المستحبّات(57).

أساتذة وشيوخ الشيخ الكرباسي(58)

تلمّـذ الشيخ الكرباسي أعلى الله مقامه على جماعة من العلماء وثلاثة من أعلامهم، كما ورد ذكرهم في رسالته الى السلطان فتح علي القاجاري اللاحقة الذكر وهم:

1 ـ العالم الزاهد والعامل العابد، الراغب في الخيرات والساعي في المبرّات ومقتدى الناس في الجماعات، صاحب الكرامات، والده الماجـد الشيـخ محمد حسن الخراساني الكاخكي الكرباسي (رحمه الله)، الذي وردت سيرته في الفصل الأول من هذا الكتاب.

2 ـ العالم الرّباني والفاضل الصمداني، مقتدى العباد وملجأ أهل الأسرار، المرحوم الشيخ محمد البيدآبادي (رحمه الله)، وقد لازمه الشيخ الكرباسي سنين طوالا، بل وعاش في بيـته، وشهد جملةً من فضائله ومناقبه(59).

3 ـ قدوة أهل العلم والسّداد، ونخبة أهل الفضل والرشاد، ذو الحظّ الأوفر، المرحوم الشيخ محمد علي بن مظفر المتوفى عام 1198هـ.

وقد نقل بعض الثقاة أن أحد تلامذة ابن المظفر قال: إن المرحوم إبن المظفر كان يدرّسنا التفسير، ولم تمض ساعتان من ذلك النهار حتى انتهى درسه، فتـناول جزراً كان غذاؤه الوحيد الى اليوم التالي!.

وكذلك نُقل أن سلطان ذلك الوقت بعث الى الشيخ الكرباسي بمائة دينار، فرفض تسلّمها، وحينما أبلغ الخادم السلطان بذلك، استاء هذا الأخير وقال: اذهب وألقِ الدنانير في بيته، فـذهب الخادم وألقى بكيس الدنانير في بيت المرحوم الكرباسي، فتمزّق الكيس وتناثرت الدنانير، وعندما علم المرحوم بالأمر، جمع هذه الدنانير بحذائه وألقاها خارج منزله(60)!.

ولهذه القوة القدسية ومواظبته على مخالفة النفـس والهوى، وَصَـفَه جَـدّي أعلى الله مقامـه: «بأنه كان من أركان العباد وأوتـاد البلاد»(61).

4 ـ علاّمة الزمان وأعجوبة العـصر المرحوم الشيخ محمد باقر الوحيد البهبـهاني المتوفى عام 1205هـ.

وقد تلمّذ المرحوم الشيخ الكرباسي عليه في بدايات تحصيله الدراسي وأثناء وجوده في أرض العتبات المقدسة في كربلاء، وقرأ الشيخ الكرباسي كتاب «فوائد العتيق» من مؤلفات المرحوم العلامة البهبهاني.

5 ـ ملاذ العاملين وملجأ الفقهاء الكاملين، المرحوم السيد علي الطباطبائي الحائري مسكناً ومدفناً المتوفى عام 1231هـ(62).

6 ـ قدوة المحققين وأستاذ المدقّقين، ناموس العالمين، سلطان الفقهاء والمجتهدين المرحوم السيد مهدي بحر العلوم المتوفى عام 1212هـ، أعلى الله مقامه(63).

7 ـ شيخ مشايخ الإسلام، إمام الفقهاء الأعلام، كاشف الغطاء عن مهمّات الشريعة الغرّاء، المرحوم الشيخ جعفر كاشف الغطاء المتوفى في شهر رجب عام 1228هـ(64).

8 ـ سيد العلماء، المرحوم السيد محسن الأعرجي الكاظمي المتوفى عام 1227هـ، في الكاظمية المقدسة(65).

9 ـ جامع المعقول والمنقول حاوي الفروع والأصول، المرحوم المغفور له بإذن الله، الشيخ محمد مهدي النراقي المتوفى عام 1209هـ، الذي تلمّذ عليه الشيخ الكرباسي (رحمه الله) في كاشان عقب عودته من أرض العتبات المقدسة(66).

10 ـ جامع فنون الفلاسفة والآداب الشيخ ملا محراب المتوفى عام 1217هـ.

11 ـ جامع فنون الفلاسفة والآداب، المرحوم الشيخ علي النوري المتوفى عام 1247هـ، والذي نُـقل جثمانه بوصية منه من إصفهان الى النجف الأشرف.

إجازات الأعلام للشيخ الكرباسي

أجازه جماعـة من كبار الأعـلام، وقد ذكـرهم في الجزء الثـاني من كتابه إشارات الأصول في الأدلة الشرعية، على الشكل التالي:

1 ـ الشيخ الأعظم ومطاع العرب والعجم، المرحوم الشيخ جعفر كاشف الغطاء النجفي البغدادي(67).

2 ـ العالم الكامل، والفاضل السيد الأجل، والبحر الكامل، صاحب النفس القدسية المرحوم السيد علي صاحب الرياض النضرة.

3 ـ الفاضل الوحيد الجامع بين المعقول والمنقول، الشيخ أحمد الاحسائي(68).

وقد ذكره في الجزء الثاني من الإشارات(69)، وقال أيضاً: «لقد أدركت الأستاذ الأكبر المرحوم الشيخ باقر البهبهاني، كما أدركت وحيد العصر وفريد الدهر المرحوم السيد مهدي بحر العلوم، وتلمّذت عليهما برهة من الزمن، ولم أطلب منهما أن يمنحوني الإجازة»، والظاهر أن ديدنهم على إعطاء الإجازة كان يعتمد على المطالبة بها.

4 ـ مقنن قوانين الأصول، المرحوم الشيخ أبو القاسم القمي، صاحب القوانين.

وكانت بين المرحوم الشيخ الكرباسي والمرحوم المحقق القمي (أعلى الله مقامَيْهما) مراسلات ومكاتبات، ويبدو من الرسالة التي كتبها للمرحوم القمي جواباً على رسالة المرحوم الشيخ الكرباسي أنه كانت بينهما صداقة حميمة.

الرسائل الجوابية للمحقق القمّي الى الشيخ الكرباسي

1 ـ يقول الكئيب المغموم، والخازن الخاسر المُمتَحَن، قرين ظلمات حيرة الديجور وجليس متمنّيات إفاضة النور بنفخ صبح السرور، أعرض عليَّ مَن رأيه وافر الوضوح، ذلك الحبيب الذي في أوامره عطوف، وهو خلاصة صلب الشفقة، وصاحب اللطف الموفور: إن سألتم عن حالي، فما تشهدونه لهو أفصح ناطق لتبيين انكسار بالي، وصفاء خاطركم أيها المشفق الرحيم لهو أوضح شارح لآمالي المخيّبة، وإنما أشكو بثّي وحزني الى الله، لأنني إذا عرضت ما في قلبي المتألم على أية شريحة، أضفت ألماً الى ألمي، وكلما انتحبت ببرود من فؤادي المعذَّب الممتحن، في أي محفل لفتحت باباً من الندم إزاء أمانيَّ(70).

2 ـ يقول التائه المحتار والضائع في وادي البطالة والحسرة، مزعجاً سعادتكم وشاغلاً أوقاتكم: إن سألتم عن مهيض الجناح هذا، فالحمد لله على كل حال، فما هو آتٍ من جانب المبدأ الأعلى جلّ وعلا، قائم على النظام الأعلى والأساس الأوفق والأولى، وما هو من جانب هذا القـاصر الخاسر الخائب في نيل المآثـر، هو في غاية القصور والنقص، وفي منتهى الضعف والضياع. لقد بلغت جواذب عروق القلب وخسارة الآيات من الشدة والكثرة، حدّ {وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ}(71). وهذا القلب اللفظي هو شاهد القلب القلبي، فلم يبق للقلب حضور، ولا للقوى نور وسرور. لقد تهيأت أسباب البعد والانقطاع لحظةً بلحظة، وقامت أسباب اليأس والقنوط لمحةً لمحة، ولولا بشارة {لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ(72) ولا تيأسوا من رَوْحِه(73) لكنت قانطاً ويائساً بالمرّة. فحملي ثـقيل وجسمي وروحي عاجزان «والحكم لله الملك المنّـان» والحاجة الى الدعاء تفوق حدّ الإحصاء.

3 ـ في باب الاستئذان حول سهم الإمام(ع) مستقلاً ومنفرداً، على فرض استحقاق لهذا، فأنت وقرّة عيني ولدنا السـيد محمد باقر ـ دام فضله ـ مأذونان كل على حدة. وفي باب «النيّة» تفضلتم: أنك لا تلتزم بذلك، وهو ما تشمّ منه رائحة الوسواس، وإن مثل هذا التوجه بعيد عن ساحتكم(74).


الصفحة الثاني >>


(1) ستجدون المصادر التي تنقل لنا السيرة الذاتية للمرحوم الإمام الكرباسي مرفقة في نهاية هذا الكتاب.

(2) وذلك مساء يوم الخميس الموافق 24/9/1766 م ـ نجل المؤلف.

(3) تاريخ ولادة الإمام محمد ابراهيم الكرباسي طبقاً لما أرخه والده بخط يده، وباعترافه هو أيضاً، كان في 19ربيع الثاني سنة 1180 هـ (1145 ش = 1766 م)، وكانت ولادته في مديـنة إصفهان. وبناءً على ذلك، فمن ادعى غير هذا التاريخ أو غيّر مسقط رأسه (إصفهان) فهو غير صحيح. وعلى سبيل المثال، سجّل صاحب كتاب أعيان الشيعة ولادة الشيخ الكرباسي بناءً على مقولة سنة 1186 هـ، كما ذكر صاحب كتاب قصص العلماء أن الشيخ الكرباسي عند وفاته كان قد بلغ 95 سنة من عمره، ووفاته كانت في سنة 1262 هـ، وعليه يكون تاريخ ولادته سنة 1167 هـ. أما مسقط رأسه، فقد سجّله صاحب كتاب منتخب التواريخ، وتبعه صاحب كتاب تاريخ گناباد، فقد اتفقا في الرأي، وقالا إن مدينة گناباد كانت مسقطاً لرأسه (راجع البدر التمام: 16، روضات الجنات: 1/84، أحوال حاجي كرباسي وأولادش: 13 ـ 14، أعيان الشيعة: 2/206، قصص العلماء: 117، تاريخ وجغرافياي گناباد: 189).

(4) بناءً على ما ذكره صاحب كتاب تاريخ گناباد أن المرحوم الشيخ الكرباسي ينتمي من ناحية أمه الى المرحوم الشيخ قاسم علي الشيرازي الذي كان يقطن منطقة شوراب في گناباد.

(5) راجع البدر التمام: 3، مكارم الآثار: 1/68. والجدير بالذكر أن صاحب كتاب مكارم الآثار نقل هذه الأبيات الفارسية عن الفقيه المشهور المرحوم منير الدين البروجردي، تلميـذ الشيخ أبو المعالي الكرباسي.

(6) للمزيد من المعرفة عن المقام العلمي والمعنوي لهذا العالم الجليل في عالم التشيع، يرجى مراجعة كتاب بيان المفاخر، تأليف المرحوم الأستاذ المهدوي.

(7) السيرة الذاتية وشرح حياة أساتذة ومشايخ الشيخ الكرباسي تجدونها وبايجاز في القسم الخاص في نهاية هذا الكتاب.

(8) ولادة الشيخ الكرباسي وتطـوّر مراحل دراسته العلمية والعملية هي بالضبط كما جاء في متن هذا الكتاب، أما ما ورد في بعض المؤلفات مثل تاريخ گناباد: 189 بأن الشيخ ولد في كاخك ثم رحل للدراسة الى مدينة مشهد ومنها الى العتبات المقدسة لإكمال دراسته، وبعدها رجع الى مدينة إصفهان واستوطنها، كل ذلك عار عن الصحة وبعيد عن الواقع والحقـيقة. واستناداً الى ما حرّره المرحوم الشيخ بنفسه ـ والمثبت في متن هذا الكتاب ـ أن الشيخ تربى وتتلمذ على يد علماء كبار، أمثال الحكيم البـيدآبادي والشيخ محمد علي المظفر الإصفهاني، وهذان العالمان فارقا دار الدنيا الفانية سنة 1198 هـ، وبالرجوع الى ولادة المرحوم الشيخ الكرباسي سنة 1180 يظهر لنا أن بداية دراساته واكتساب سلوكه العلمي والعملي تمّ في دار العلم بإصفهان.

(9) فارق السيد المرعشي دار الدنيا الفانية سنة 1411 هـ، ودفن في المكتبة التي شيدها.

(10) يمكن مراجعة القسم الخاص بتلامذة الشيخ، ومن بينهم من ذُكر اسمه في النص في نهاية هذا الكتاب ـ للاطلاع على مختصر عن حياتهم ـ.

(11) البدر التمام: 3.

(12) بعد أن هجم الوهابيون وأغاروا على مدينة كربلاء سنة 1216 هـ، وارتكبوا مجازر القتل الجماعي وهدموا الصحن ومرقد الإمام سيد الشهداء(ع) وأحرقوا الضريح، سافر المرحوم كاشف الغطاء الى ايران للقاء السلطان فتح علي القاجاري ورجالات ايران، لإعادة ما هُدّم من الصحن والمرقد وضريح الإمام الحسين(ع) ـ المؤلف.

(13) البدر التمام: 3.

(14) راجع البدر التمام: 3.

(15) وكان الشيخ الكرباسي يصرف ما يملكه على الفقراء والمعوزين، وبالأخص طلبة العلوم الدينية ـ نجل المؤلف.

(16) راجع البدر التمام: 3 ـ 4.

(17) ورد في بحار الأنوار: 1/213 روى اسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله الصادق(ع): «ليت السياط على رؤوس أصحابي حتى يتـفقهوا في الحلال والحرام» ـ نجل المؤلف.

(18) مدرسة الشيخ الكرباسي التي بُنيت بجهد الشيخ نفسه، تقع في زقاق جنب مدرسة الحكيم بمساحة تقرب من جريب (عشرة آلاف متر). كان الشيخ في البداية يدرّس طلابه في مسجد الحكيم. والظاهر بسبب كثرة وازدياد الطلبة والحاجة الماسة الى مكان منفصل لتيسير أمور التدريس، واهتمامه الشديد بـادارة شؤون الطلبة، بادر الى تأسيس هذه المدرسة. والظاهر أن منصّة التدريس في تلك الفترة كان لها اعتبار خاص، واختصت بالشيخ نفسه، وحتى حجة الإسلام المرحوم السيد الشفتي، احتراما لمقام الشيخ، لم يجلس على كرسي الشيخ خلال التدريس. ومن الجدير بالذكر أن المدرسة المذكورة ـ كما ورد في المتن ـ تحولت ومع الأسف الى بيوت للسكن. (راجع جابري الأنصاري في كتابه تاريخ إصفهان: 143، مدرس الهاشمي في مجلة حوزة: 47).

(19) أراد بالوحي، الوحي الإلهامي، راجع تفاصيل ذلك في مقدمة كتاب الرؤيا.. مشاهدات وتأويل، من دائرة المعارف الحسينية ـ نجل المؤلف.

(20) والظاهر أن البناء لم يكن قد ارتفع كثيراً بعد ضياع الخاتم، ولا يخفى أن مسألة الاستخارة من الأمور التي لا يدركها إلا من له إلمام بذلك، وللمرحوم والدي (قدس سره) قصص عجيبة حول ذلك، منها أنه ركب سيارة للتوجه الى الكاظمية، فإذا برجل أعطاه أمانة من شباك السيارة، وقال له: أوصله الى فلان، والوالد لم يعرف المرسل والمرسَل إليه، ولكن المرسل كان يعرف والدي، وكان يظـن بأن الوالد يعرف المرسَل إليه، وفي هذه الأثناء تحركت السيارة وظل الوالد في حيرة من أمره، فالتجأ الى الاستخارة، فوقف في الصحن الكاظمي الشريف واستخار للخروج من أبوابه، فاتبع هدي الاستخارة وتوجه نحو الشوارع والأزقة وأبواب البيوت حسب الاستخارة، فطرق الباب وسأل عن الشخص، فإذا هو أمامه، فأعطاه الأمانة، الى غيرها من تجاربنا أيضا ـ نجل المؤلف.

(21) سورة ابراهيم، الآية: 35.

(22) البدر التمام: 4.

(23) جاء في بيان المفاخر: 1/190 أن القارىء كان السيد علي نقي العرب، وهو من أهالي الكاظمية.

(24) الشيخ رضا: هو المرحوم الشيخ محمد رضا ابن المولى ابن محمد عاشور الكرمنشاهي الطهراني المتوفى سنة 1270هـ راجع كاروان علم وعرفان: 1/106 ـ نجل المؤلف.

(25) الفرسخ يعادل 5/5 كيلو متر تقريباً.

(26) كان السلطان محمد القاجاري مصابا بمرض مزمن فكان أحيانا يعتريه بشدة، كما ورد في ناسخ التواريخ (سيرة القاجارية) ـ المؤلف.

(27) كان بين سيد الطائفة السيد محمد باقر الشفتي والسلطان محمد القاجاري سوء تفاهم، وردت تفاصيله في كتاب ناسخ التواريخ في مجلد القاجارية ـ المؤلف.

(28) البدر التمام: 5.

(29) والظاهر أن الشيخ صلى صلاة الظهرين وسط الجموع المحتـشدة في الساحة ـ نجل المؤلف.

(30) سورة ص، الآية: 26.

(31) البدر التمام: 4 ـ 5.

(32) بحار الأنوار: 47/370 عن الكافي: 2/190.

(33) وكأنه يشير الى أنه لم يكن ليهتم بمثل زيارة السلطان، كما لم ينخدع بهداياه التي قدمها باسم الطلاب والفقراء ـ نجل المؤلف.

(34) روضات الجنات: 1/36.

(35) محمد رضا الطبيب الإصفهاني (1167 ـ 1283هـ) من تلامـذة العلامة الشيخ محمد البيدآبادي والطبيب نصير الإصفهاني، وكان من الأطباء البارزين والمشهورين في ايران، وصاحب شـرح رسالة الكيمياء لأستاذه الحكيم البيدآبادي تحت اسم «هادي المضلين وزاد المتقين». واشتهر أيضاً بـ «ميرزا رضا الشرابي» (حكيم متأله بيدآبادي: 139).

(36) حيث كان الشيخ الكرباسي يشكك في الماء المستخدم لصناعة الثلج، وربما كان يشكك في ملكية المصنع أيضاً، ومن هنا نجد بأنه لم يستخدم الثلج في إصفهان، حيث كان المصنع منحصراً فيه، بالاضافة الى انه كان يراعي في حياته حالة أضعف الناس، وكان يرى ذلك فرضاً عليه، حيث يتولى زعامتهم، اقتداءً بسيد الأوصياء أمير المؤمنين(ع) ـ نجل المؤلف.

(37) راجع البدر التمام: 5.

(38) رغم أن الشيخ الكرباسي كان صاحب فتوىً إلا أنه كان يحتاط مهما أمكن ليطابق عمله الواقع، وإن كان فتواه حجة ولكنه كان يلزم نفسه أكثر من ذلك ـ نجل المؤلف.

(39) وقد سمعت من والدي (قدس سره) أن الجد كان يحتاط من التصرف في غلات الأراضي المفتوحة عنوة أو كان يشكك في غلاة بعض الأراضي، حيث كان له رأي فيها من الناحية التاريخية ـ نجل المؤلف.

(40) وما كان ذلك إلا لأجل أن لا يختـلط شيء من الأموال المشبوهة بماله، عملا بالحديث المشهور «في حلالها حساب وفي حرامها عقاب وفي الشبهات عتاب» ـ نجل المؤلف.

(41) باعتبار أن الخبز المحروق من الخبائث، فلا يجوز أكلها شرعاً ـ نجل المؤلف.

(42) راجع البدر التمام: 6.

(43) خوفاً من حيازة الماء المشاع بشبهة أنه لا يستحقه، باعتبار وجود بئر في ملكه، فلذلك كان يعوضه بمقداره ماءً من بئره، وماء البئر هذا لا يؤثر في تلوث ماء النهر لأنه في الغالب يُسقى به المزارع والبساتين ـ نجل المؤلف.

(44) أراد (قدس سره) ما دمتم غير مضطرين الى التغيير، فلا تغيروا، ومع الاضطرار فإلى الأحسن ـ نجل المؤلف.

(45) وذلك لأن المسجد أوقف لإقامة الصلاة ومقدماتها، فلا يجوز مخالفة الوقف بأي حال من الأحوال ـ نجل المؤلف.

(46) لقد لاحظت أن في بعض المناطق في ايران وخاصة مدينة إصفهان، وبالأخص في شهر رمضان المبارك، يقوم الباعة المتجولون بعرض وبيع سلعهم من كتب وأدوات وغيرها عند مدخل المساجد التي يكثر فيها تردد الناس عليها ـ المؤلف.

(47) راجع البدر التمام: 6.

(48) راجع البدر التمام: 6.

(49) كان السيد حسن الإصفهاني أحد قراء التعزية الحسينية ـ نجل المؤلف.

(50) راجع البدر التمام: 7. وجاء في كتاب الصحيفة الحسينية: 1/55 نقلا عن قصص وعبر للشيرازي: 177، وجامع النورين للسبزواري بالشكل التالي: «ويذكر في هذا المجال أن الجفاف ضرب بلاد ايران بعد أن أمسكت السماء عن نزول الأمطار، واستمر الأمر سنة كاملة، فقلقت السلطات لذلك، واضطرب حال الناس، فاتجهت الأنظار الى مدينة إصفهان عاصمة إيران آنذاك، حيث تواجد بها حينذاك جدنا الأعلى الشيخ محمد ابراهيم الكرباسي، حيث كان المثل الأعلى في التقوى والورع، كثير الاحتياط والزهد. فطلبت منه السلطات كما والجماهير أن يخرج لإقامة صلاة الاستسقاء، إلا أنه اعتذر لسوء حاله واشتداد مرضه، فقال له مندوب السلطان القاجاري منوچهر خان معتمد الدولة: سنهيئ لكم سريراً ليحملوكم عليه، إلا أنه رفض ذلك قائلا: أوصل بي الحال في آخر عمري أن أخرج لأدعو ربي وأُحمل على سرير من أموال مغتصبة. فتدخل نجله الشيخ محمد مهدي فـقال: لدينا أخشاب من أموالكم الخاصة، لو أذنتم لَصَنَعْنا منها سريراً لهذا الغرض، فوافق على ذلك، فلما صُنع السرير، أعلن للناس بأن سماحته يطلب منكم أن تصوموا يوم السبت والأحد والاثنين، ويوم الاثنين موعدكم للخروج معه لإقامة صلاة الاستسقاء. فلما كان يوم الاثنين خرج الناس عن بكرة أبيهم وهم صائمون، وحُمل الشيخ على السرير، والجماهير تجري خلفه، واصطفّ اليهود على جانب الطريق والأرمن على الجانب الآخر، فلما نظر الشـيخ الى أبناء الديانات الأخرى، رفع عمامته من على رأسه، ورفع رأسه الى السماء، وأخذ يتمتم ببعض الكلمات، وكان مما قاله: «إلهي فقد ابيضّت شيبة ابراهيم في الإسلام، فلا تخجلنا هذا اليوم أمام اليهود والنصارى»، واغرورقت عيناه بالدموع، ولم تسقط قطرة من دموعه الطاهرة إلا وهطلت الأمطار بشكل لا نظير له، ولم تعد هناك حاجة الى إقامة صلاة الاستسقاء، ورجع الشيخ الى داره.

(51) سورة الأنبياء، الآية: 89.

(52) راجع البدر التمام: 7.

(53) راجع البدر التمام: 7.

(54) يبدو أن الشيخ كان عارفا بحال الشاب ويرى انه يستحق ذلك ـ نجل المؤلف.

(55) وما تقدم عن إخباره بموت الرجلين أيضا يندرج تحت هذا العنوان.

(56) لعل ذلك مما أخبره الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه عند تشرفه بلقائه.

(57) راجع البدر التمام: 7 ـ 8.

(58) كما ذكرنا سابقاً أن ترجمة أساتذة ومشايخ الشيخ الكرباسي الذين يصل عددهم الى 17 شخص، مدونة بصورة مختصرة ومنفصلة في نهاية الكتاب.

(59) يقول المؤلف: إن المرحوم الشيخ محمد البيدآبادي كان من اجلّة العلماء والزهّاد المتقين، وكان عارفاً ببعض العلوم الغريبة، وقد ورد ذكره في روضات الجنات: 7/123، ويقول فيما يقوله: «ومن جملة ما سمعته من مولانا الشيخ الكرباسي أعلى الله مقامه، وهو على منبر مسجد حكيم، وفي مقام ذكر غاية زهد الرجل: أنه اقتصر في بعض سنيّ مخمصة البلدة مع جميع عائلته الاكتفاء بتناول الجَـزر النّي يوميا والى ستة أشهر، مع نهاية الشغف والميل». ومن أراد شيئا من التفصيل فليراجع المصدر.

(60) وهو نوع استنكار وعزوف عن أموال الدولة ـ نجل المؤلف.

(61) راجع البدر التمام: 11.

(62) وكان ذلك أيضا لدى تواجده في كربلاء المقدسة ـ نجل المؤلف.

(63) وذلك لدى سكناه في كربلاء المقدسة، حيث أن السيد بحر العلوم كان بداية في كربلاء ـ نجل المؤلف.

(64) أيضا هو الآخر كان في كربلاء المقدسة، فأخذ منه الشيخ الكرباسي ـ نجل المؤلف.

(65) ويبدو أنه درس عليه في كربلاء المقدسة، ثم انتقل مع انتقاله الى الكاظمية، فبقي بها فترة قصيرة، كما هو الحال في أستاذيه بحر العلوم وكاشف الغطاء ـ نجل المؤلف.

(66) وربما درس عليه في كربلاء ثم التحق به في كاشان، حيث أن الفترة الزمنية بين رجوع النراقي من كربلاء الى كاشان ورجوع الشيخ الكرباسي من كربلاء الى ايران كانت قصيرة ـ نجل المؤلف.

(67) نسبته الى بغداد تأتي في الفترة الزمنية التي سكنها أيام السلطان فتح علي القاجاري، وسيأتي في التقريظ الذي كتبه الشيخ جعفر كاشف الغطاء بخط يده على كتاب شوارع الهداية أنه انتسب الى النجف وبغداد. راجع أيضا البدر التمام: 15 ـ نجل المؤلف.

(68) صورة الإجازة التي خطها المرحوم الشيخ أحمد الاحسائي بيده، موجودة ضمن قسم الصور في نهاية الكتاب.

(69) الظاهر أن ذكره ورد ضـمن الذين أجازوه ثم استدرك بالمناسبة أن ليس لديه إجازة من الوحيد البهبهاني والسيـد بحر العلوم، رغم أنهما من أساتذته ـ نجل المؤلف.

(70) راجع البدر التمام: 14.

(71) سورة سبأ، الآية: 19.

(72) سورة الزمر، الآية: 53.

(73) وهو مضمون قوله تعالى: { = عع ؟ ژ ء } [يوسف: 87].

(74) راجع البدر التمام: 14.